تقييم الشركات الناشئة: مدخل

 

خلال السنتين الماضية، كان أكثر الأسئلة تكراراً، السؤال حول كيفية تقييم المشروع الناشئ. ولأن الموضوع متشعب بعض الشي سأخصص السلسلة الأولى للنقاش حول مفهوم التقييم وكيفية تقييم الشركات.

التقييم والتسعير

تقييم الشي هو تحديد القيمة العادلة له. مالياً، يتم احتساب قيمة الشركة من خلال احتساب التدفقات النقدية المستقبلية المتوقعة وتعديل هذه التدفقات بعد احتساب عامل المخاطرة والشك في تحقق تلك الأهداف. التقييم ليس موضوعي، فهو يعتمد على نظرة المقيم وتوقعاته وبالتالي يندر أن يتفق اثنان على التقييم بنسبة 100%. ما يهم في التقييم قدرة الشخص أو المجموعة الداعمة للتقييم على تعزيز دراستها وتحليلها للتقييم بنموذج مالي وتبريرات لمعايير المخاطرة المرتبطة بالشركة والسوق.

أيضاً يختلف التقييم عن السعر. التقييم هو القيمة الفعلية للشيء، بينما السعر هو القيمة التي يقبل المستهلك أو المستثمر بدفعها لقاء الشيء. السعر يرتبط بالعرض والطلب، بينما القيمة كما ذكرنا سابقاً تعبر عن القيمة العادلة له. وللتبسيط، يمكن تقييم سيارة بإحتساب الإيرادات التي ستحققها من خلال توفير قيمة استئجارك لمركبة أو استخدامك للمواصلات العامة للعمر الإفتراضي للسيارة، ثم تطرح منها قيمة مصاريف ملكية وتشغيل السيارة خلال نفس الفترة، ثم تضيف عليها قيمة بيع السيارة كسكراب في نهاية العمر الإفتراضي. ولنتجاهل عامل المخاطرة هنا، لنفترض أننا سندرس فقط سيارات من نفس الصانع (تويوتا كورلا 2015م). المفترض أن القيمة النهائية لأي سيارة ستكون متقاربة، لكن قد تجد شخص يدفع سعر أعلى للسيارة ذات المواصفات الأعلى، أو اللون المختلف، مع أن هذا الإختلاف لا علاقة بينه وبين القيمة الفعلية للسيارة. فلا اللون سيطيل عمر السيارة، أو المواصفات ستمكنك من توفير تكاليف تشغيل السيارة.

لذلك عند التقييم يتم إضافة كل ماله علاقة بالتدفقات النقدية المستقبلية للوصول للقيمة العادلة للشيء المقيم. ومن ثم يمكن مقارنة التقييم بسعر السوق، الذي قد يكون أعلى أو قد يكون أقل من القيمة العادلة. أهم أسباب الإختلاف بين السعر والقيمة:

  1. البائع والمشتري لديهم معلومات مختلفة وربما قوتهم التفاوضية والمالية تختلف.
  2. العوامل العاطفية التي قد تدخل في المعادلة وتخل بدرجة موضوعية التقييم.
  3. لم يتم الوصول إلى جميع المشترين المحتملين (من قد يكون لديهم إدراك بالقيمة الفعلية).
  4. الإرتباطات التعاقدية أو القانونية التي تحد من قدرة البائع على طرح الشيء للعموم.
  5. الضغوطات الخارجية التي قد تجبر البائع أو المشتري على التنفيذ بسعر محدد.
  6. البيع أو الشراء قد لا يكون مدفوعاً بالكامل نقداً.

أساليب التقييم

هناك ثلاثة أساليب رئيسية لتقييم الشركات:

  1. أسلوب الدخل، أو أسلوب القيمة المستقبلية. وفي هذا الأسلوب يتم احتساب التدفقات النقدية المستقبلية للشركة، ومن ثم تخفيضها للوصول لإجمالي القيمة الحالية باستخدام معامل الخطورة.
  2. أسلوب السوق. ويتم فيه تقدير سعر الشركة بناءاً على أسعار الشركات المشابهة والمدرجة في السوق العام أو عمليات الإستحواذ التي تمت مؤخراً.
  3. أسلوب التكلفة أو أسلوب الأصول. هذا الأسلوب يوجد قيمة الشركة فيما لو تمت تصفيتها وبيع أصولها. احتسابه يتم من خلال إيجاد القيمة السوقية لأصول الشركة، ويطرح منها القيمة الحالية للإلتزامات على الشركة.

تقييم الشركات الناشئة

تقييم الشركات الناشئة، خصوصاً تلك المعتمدة على الأفكار والأصول الغير محسوسة (البرامج، الاختراعات، الأبحاث والملكية الفكرية) صعب إن لم يكن مستحيلاً، خصوصاً في الأيام الأولى من المشروع. ولو نظرنا لأساليب التقييم السابقة الذكر فنلاحظ:

  1. في أسلوب الدخل، من الصعب تقدير التدفقات النقدية المستقبلية نظراً لعدم نضوج الفكرة، وضبابية مستقبل الإيرادات وحجمها. كما وأن معامل الخطورة عالٍ جداً الأمر الذي قد يخفض من قيمة الحالية للتدفقات المستقبلية بشكل جوهري. أضف إلى ذلك أن الشركات التقليدية لديها قدرة على الوصول إلى تمويل بتكلفة أقل، سواء برهن الأصول أو الضمانات الأخرى، وهذا غير متحقق لدى الشركات الناشئة.
  2. أما أسلوب السوق، فالشركات المدرجة في سوق الأسهم شركات ناضجة وتقليدية، لديها خبرة عريقة في السوق وتدار من قبل فريق لديه مؤهلات مختلفة. بالتالي مقارنتها مع شركتنا الناشئة السريعة الحركة غير منطقي. ولو انتقلت للنظر في صفقات الإستثمار والإستحواذ على الشركات في السوق الناشئ، ستواجهك مشكلة الوصول للمعلومات الدقيقة، والصورة الكاملة لأي صفقة. فالصفقات تدخل فيها عوامل تؤثر على دقة التقييم وصحته. على سبيل المثال:
    • القيمة الإستراتيجية، كأن تقوم فيسبوك بالإستحواذ على تطبيق شبكات اجتماعية للوصول إلى شريحة من العملاء أو الوصول إلى نطاق جيوغرافي لم تتمكن فيسبوك الأم من الوصول إليه. في هذه الحالة قيمة المشروع نابعة وجود قيمة استراتجية للمنتج.
    • سهولة التسييل، بالإضافة للقيمة الإستراتيجية فإن هناك خطورة مرتبطة بإمكانية تسييل الحصص. بمعنى أنه وعند وصول الشركة للمرحلة التي تستدعي تسييل المستثمرين لحصصهم فقد لا يكون ذلك سهلاً. بالتالي قد يضطر المستثمر إلى البيع بسعر أقل من القيمة الفعلية للشركة.
    • معيار المقارنة، نظراً لكون شركتك والشركة المقارنة تختلف في الحجم، فإن هناك حاجة لإيجاد معيار لتحقيق المقارنة. عادة ما يتم استخدام المبيعات، القيمة الدفترية أو الأرباح. وقد يضاف لها معايير أخرى كعدد العملاء، ربحية العميل الواحد وغيرها. في المشاريع الناشئة تشكل هذه المعايير إشكاليات مختلفة. فالشركة في الغالب لا تحقق مبيعات، وحتى لو كان هناك مبيعات فإن نموذج الإيرادات قابل للتعديل والتصحيح في المستقبل، وكذلك المعايير المتعلقة بالعملاء ونماذج الإيرادات. القيمة الدفترية منخفضة جداً ولا تعبر عن القيمة الفعلية للشركة.
    • القدرة على البقاء. قيمة الشركة محكومة بقدرتها على المنافسة والبقاء، عند مقارنة الشركات يتوجب النظر في المعايير المساندة والداعمة للشركة على بقاءها. الإشكالية هنا صعوبة حصرها، واحتساب تأثيرها. مثلاً، وجود كبار المستثمرين في شركة قد يعني سهولة حصولها على تمويل في المستقبل. كذلك المؤسسين وتنوع خبراتهم، وجود علاقات مع لاعبين في السوق، وغيرها.
  3. أخيراً في أسلوب التكلفة، فالشركات الناشئة المعتمدة على الأفكار والتطوير قيمتها غير محسوسة، وبالتالي يصعب تقييمها، أو ما يمكن تقييمه منها فإنه لا يمثل القيمة الفعلية للمشروع.



أساليب التقييم: القواعد العامة لتقييم الشركة الناشئة

أساليب التقييم: القواعد العامة لتقييم الشركة الناشئة

أنهينا في السلسلة السابقة (تقييم الشركات الناشئة)، التعرف على مفهوم التقييم وإدارة مصالح الأطراف ذي العلاقة. في هذا المقال سنبدأ السلسلة التي ستركز على الجانب العملي من عملية تقييم الشركات الناشئة. موضوع هذا المقال سيكون مراجعة وتلخيص لأهم المعادلات التي سبق شرحها في السلسلة السابقة، وسنحتاجها في القيام بعملية الإسثتمار. كما وسيعرج على أهم الأخطاء المتعلقة بالجوالات الإستثمارية، وكيفية تفادي حصول جولات انخفاض القيمة (Down rounds) للشركة.

معادلات التقييم الأساسية:

التقييم ابتداءً عملية حسابية، ولذلك ستجد المعادلات الرياضية في كل منعطف من منعطفات الموضوع. في هذا الجزء سأسترجع معكم أهم المصطلحات والمعادلات التي تم الإشارة لها بشكل سريع في السلسلة السابقة. احتفظ برابط هذا المقال لتعود إليه بين الوقت والآخر، متأكد بأنك ستحتاجه عند بدء مفاوضاتك مع المستثمرين.

1) التقييم قبل وبعد الجولة الإسثتمارية

قيمة الشركة قبل وبعد الجولة الإستثمارية (دخول أموال المستثمرين للشركة) تختلف. تذكر أن قيمة الشركة قبل المال هي قيمة الشركة الصافية. أي أنها تمثل قيمة مساهماتك وشركائك وما تم إنفاقه فيها. بعد دخول المستثمرين تتغير القيمة وتزيد بما يعادل المبلغ الذي تم ضخه من قبل المستثمرين. لذلك هذه المعادلة تتخلص بثلاثة متغيرات، وهي: قيمة الشركة قبل المال، مبلغ الإستثمار و قيمتها بعد المال.

Valuation_formula1

معادلة 1: احتساب تقييم الشركة بعد المال

التقييم قبل المال كما وأن سبق وأن ناقشنا لا يساوي بالضرورة قيمة الشركة التأسيسية (قيمة الأصول والموجودات في الشركة). عند دخول المستثمر، قيمة السهم تزيد لتعكس أداء الشركة والفرص المستقبلية المتوقع تحقيقها بناءاً على إنجازات المؤسسين السابقة. عادة ما يقوم المستثمرين بالمفاوضة على تخفيض تقييم قبل المال للحصول على حصة أكبر من الشركة.

2) نسبة المستثمر الجديد

بعد الإتفاق على تقييم قبل المال ودخول المستثمر الجديد، فإنه سيحصل على حصة من الشركة. هذه الحصة يتم احتسابها حسب المعادلة التالية:

Valuation_formula2

معادلة 2: احتساب نسبة المستثمرين الجدد

لاحظ في المعادلة السابقة أن مبلغ الإستثمار يقسم على التقييم بعد المال، وليس قبل المال. وذلك لأنه هي القيمة الجديدة للشركة.

3) حجم الشركة

في بعض الأحيان لا يتم الإفصاح عن التقييم بشكل مباشر، بل يتم الإشارة إليه ضمنياً. كأن يقول لك المستثمر، سأعطيك مليون ريال مقابل 25% من الشركة. غالباً، وخصوصاً في الشركات الناشئة، يقصد بذلك أن المبلغ سيذهب للشركة (لزيادة رأس المال) وليس لك أو احد الشركاء شخصياً. المعادلة التالية تساعدك على حساب تقييم شركتك في هذه الحالة:

Valuation_formula3

معادلة 3: تحديد قيمة الشركة بمعلومية مبلغ الإستثمار والنسبة الممنوحة

ولمعرفة قيمة الشركة قبل المال يمكن استخدام (المعادلة 1) مع التعديل:

Valuation_formula4

معادلة 1.1: احتساب تقييم الشركة قبل المال

4) معيار إنخفاض القيمة

بدخول المستثمر الجديد وإصدار حصص جديدة له، تنخفض قيمة حصص المؤسسين والمستثمرين الحاليين بما يعادل نسبة المستثمر الجديد. وبالتالي بمعرفة نسبة المستثمر الجديد يمكن معرفة المتبقي من نسب المستثمرين السابقين. المعادلة التالية (نفس معادلة 2) توضح نسبة انخفاض قيمة المستثمرين السابقين.

Valuation_formula5

معادلة 4: احتساب معيار انخفاض القيمة

في المثال أعلاه، يتوضح أن تقييم قبل المال هو 3 مليون. لو افترضنا أن الحصص موزعة مناصفة بين شريكين، ستصبح حصة كل شريك قبل الإستثمار 50% وتعادل 1.5 مليون ريال. بدخول المستثمر الجديد أصبحت حصة الواحد منهم تعادل 1.5 ÷ 4 = 37.5%، هذا بالإحتساب بشكل مباشر. يمكننا الوصول إلى نفس النتيجة لو طبقنا معيار الإنخفاض. حصة الشريك 50%، وبدخول الشريك الجديد، انخفضت بنسبة 25%. أي أن نسبة الشريك المؤسس أصبحت تعادل 50% × (1-25%) = 37.5%.

5) تحديد سقف الاستثمار

في المراحل المبكرة، يهم صاحب الشركة الناشئة المحافظة على أكبر قدر من الحصص، وعدم التفريط بها بغير وجه حق. لذلك المعادلة التالية ستساعدك في تحديد سقف الإستثمار أو المبلغ الذي يتوجب عليك عدم تجاوزه في الجولة الإستثمارية لضمان المحافظة على الحصة المستهدفة لك.

Valuation_formula6

معادلة 5: تحديد سقف الإستثمار

على سبيل المثال، لو كان تقييم شركتك قبل المال 2 مليون ريال، وأنت لا ترغب بإعطاء أكثر من 20% للمستثمر الجديد، يمكنك حساب سقف الإستثمار بقسمة 2 مليون ÷ 4 = 500,000 ريال. وكما ويمكنك حسب التقييم المستهدف بحسب المبلغ المطلوب بإستخدام ذات المعادلة مع التعديل. فلو فرضنا أن مبلغ الإستثمار الذي تحتاجه هو 350,000 ريال، والنسبة التي ترغب بمنحها هي 13%. سيكون تقييم الشركة قبل المال = 350,000 × 7 = 2,450,000 ريال.

أخطاء التقييم للشركات الناشئة:

القائمة التالية توضح أهم الأخطاء التي يقع بها رواد الأعمال أثناء قيامهم بتقييم شركاتهم:

  1. إعطاء حصص عالية للمستثمرين الأوائل. عادة ما يقع المؤسسين في الأيام الأولى تحت الضغط، والحاجة للحصول على التمويل، فيمنحون حصص للمستثمرين الأوائل دون التفكير بأبعاد هذه الحصص. على سبيل المثال، قد تمنح صديقك الذي وافق على تمويل النموذج الأولي لمشروعك ب 10,000 ريال 25%. هذه النسبة تعني أن قيمة الشركة في ذلك الوقت كانت 50,000 ريال. فلو جاء مستثمر بعده بأشهر ستجد صعوبة في إقناع الأخير بأن قيمة الشركة مثلاً أصبحت 300,000 ريال أو أكثر. لتفادي هذه المشكلة يفضل أن يتم إستخدام أداوات التمويل التي لا تتطلب تقييم كالقروض، أو عقود الحصص المؤجلة.
  2. تضخيم التقييم في الجولات المبكرة. على عكس الإشكالية السابقة، قد يحصل مع المؤسسين العكس. فقد يأتي عليهم مستثمر (قليل خبرة) أو متحمس ويقوم بالمبالغة في تقييم الشركة بشكل مبكر. مثلاً، مستثمر يضخ مبلغ 200,000 ريال مقابل 5% في شركة لا تزال في مرحلة الفكرة أي أن قيمة الشركة أصبحت 4 مليون ريال. ولأن المؤسسين سيحتاجون لمبالغ إضافية خلال فترة قصيرة، قد يجدون صعوبة في إقناع مستثمرين خبراء في الدخول في الشركة على تقييم أعلى، وبالتالي قد يحصل انخفاض لقيمة الشركة ويخسر المستثمر الأول.
  3. التقييم قبل نضوج الفكرة وتجربتها. وهذا يحدث عندما يتم تقديم التقييم على اختبار السوق وتجربة المنتج مع العملاء المحتملين. الأمر الذي قد يؤدي في حالات للتقليل من قيمة الشركة، عند عدم اخذ تجربة المستخدمين وقابليتهم للشراء في التقييم. أو إعطاء الفكرة وتوقعات السوق وزناً أعلى مما يجب فيتم المبالغة في قيمة الشركة. في الحالة الأولى المؤسس خسر حصصاً أكثر مما يجب. أما في الحالة الثانية فعند فشل التوقعات، سيرجع المؤسس للمربع الأول وسيقع تحت ضغط مطالبات المستثمرين والسيولة المتوفرة لتحقيق أهداف سيكون تحقيقها أصعب، خصوصاً مع الحاجة للإختبار وإعادة التجارب.
  4. عدم استيعاب الرابط بين مبلغ الإستثمار والحصص وقيمة الشركة. في المعادلات السابقة ركزنا على فهم التقييم من عدم جهات، ولاحظنا أن التقييم ومبلغ الإستثمار والحصص مترابطة بشكل وثيق. لذلك انتبه من بدء المفاوضات مع المستثمرين قبل أن تعي ما تطلبه وانعكاسه على باقي العناصر. مثلاً، عندما تطلب 200,000 ريال مقابل 5% هذا يعني أن قيمة الشركة سيصبح 4 مليون. وعندما تقول بأنك تطلب 500,000 على 1.6 مليون قيمة قبل المال يعني أن حصة المستثمر الجديد ستكون 24%. تأكد من القيمة، والنسبة والمبلغ المطلوب منطقيين، وأنك جاهز للإجابة على أي استفسار حيالهم.
  5. الإفراط في التركيز على قيمة الشركة. يضيع بعض المؤسسين الكثير من الوقت في مفاوضات مع المستثمرين للوصول إلى تقييم مستهدف معين. لا جدال حول أهمية المحافظة على حصص المؤسسين بقدر المستطاع، ولكن يتعلم المؤسسين الخبراء بمرور الوقت أن يضعوا المستهدف في مجال بدل أن يكون قيمة واحدة. فعلى الرغم من أهمية الحصول على افضل تقييم، إلا أن إضاعة الوقت في المفاوضة قد يأتي على حساب أمور أهم كتطوير المنتج وبناء العلاقة مع العملاء. وربما حتى التجهيز للجولة التالية.
  6. التركيز على التقييم فقط. المؤسسين أحياناً يركزون على التقييم كونه بنظرهم يعادل الحصص. والتي كلما كانت أكبر وقت التخارج كلما كانت عوائدهم أكبر. ولكن هناك أمور قد تعادل في أهميتها التقييم، وقد تكون أعلى أهمية وهي بنود التعاقد. والتي يكون فيها شروط لحماية المستثمرين، أولوية في التسييل، أو التحكم في قرارات مجلس إدارة الشركة. ربما سنتحدث عن هذه في سلسلة أخرى تتناول الأمور القانونية والتعاقدية للشركات الناشئة.

جولة انخفاض قيمة الشركة (Down Round):

تحدث جولة إنخفاض القيمة عندما يقبل المؤسس، تقييم أقل لشركته من قيمتها في آخر جولة إستثمارية لها. بمعنى آخر أن قيمة الشركة انخفضت خلال الفترة بين الجولة السابقة والجولة الحالية. ضعف التخطيط وسوء إدارة النقد هما اهم مسببات انخفاض قيمة الشركة. فما يحدث أن المؤسس يعود للمستثمرين في شركته بعد عدة أشهر ويطلب مبالغ إضافية. في هذه الحالة قد لا يكون المؤسس قد حقق أي إنجازات جوهرية، وبالتالي، ولو كان محظوظاً، قد يتم تقييم الشركة بذات التقييم السابق (Flat round) أو تخفيض قيمة شركته (Down round). كلا الحالتين تأثيرهم سيء على حصته حيث أنها ستنخفض. وكذلك على المستثمرين الذين قد يفقدون الحماس للشركة.

لتجنب الوقوع في جولة إنخفاض القيمة، تأكد من أنك وضعت خطط محكمة لإدارة التدفقات النقدية، ومعها أدوات للتحكم بمعدل حرق النقد (Burn rate). حاول تجنب المصاريف الثابته والعقود طويلة الأجل متى ما كان ذلك ممكناً. تأكد من حصولك في الجولة الإستثمارية على نقد يكفيك على الأقل لمدة 18 شهر. وابدأ التخطيط للجولة الإستثمارية التالية فور إقفالك للجولة الحالية. من ضمن مهام التخطيط للجولة التالية، وضع معايير للأداء تساعدك على الوصول للمرحلة الإستثمارية التالية، هذه المعايير يجب ان تكون واضحة وقابلة للقياس.

الجولات الإستثمارية وأساليب التقييم المقترحة:

stages_and_valuation

شكل 1: ملخص للجولات الإستثمارية والمستثمرين وأساليب التقييم المقترحة


للإستزادة حول هذا الموضوع انصحك بالرجوع إلى كتاب (دليل المؤسس: تقييم الشركة الناشئة – انجليزي)


أساليب التقييم: المفاوضة

أساليب التقييم: المفاوضة

نبدأ أساليب التقييم بأسلوب المفاوضة. وهو الأسلوب الأهم، ويستمد أهميته من كونه الأسلوب الأمثل في المراحل الأولى للمشروع، ولأنه أيضاً الذي يتوجب أن تبقيه في ذهنك عند استخدامك للأساليب الأخرى مستقبلاً. فكما أن المستثمرين ينظرون للمشاريع كفرص لتحقيق عوائد، ويحتسبون معدلات العوائد المتوقعة. سيكون هذا الأسلوب لمراقبة حصتك في شركتك وضمان أن دخول أي مستثمر لن يكون على حساب تقليص عمر الشركة عما تخطط له. حصتك التي تبدأ شركتك وأنت تمتلك 100% منها، تتقلص بدخول المستثمرين، هذا التقلص سيستمر طالما أنك تطلب المستثمرين أموالاً إضافية. شبهه بحرق الوقود لتسيير عربتك، هدفك ليس فقط الوصول إلى المحطة النهاية ولكن الإبقاء على نسبة مرضية ومجزيه وقت الوصول. تتناسب مع مجهوداتك وتضحياتك خلال الرحلة.

سيبدأ المقال بشرح مفهوم المفاوضة وأهدافه، ثم كيفية تقييم الفكرة ورفع قيمتها. بعدها تحديد متى ولماذا تتوقف عن إضافة القيمة للفكرة. وأخيراً، الحصص المؤجلة كأسلوب بديل عندما لا يتم الوصول لإتفاق. الشكل التالي يحدد المرحلة الرئيسية التي يتم فيها الإعتماد على المفاوضة بشكل رئيسي. مع ملاحظة أنه وكما ذكرنا، أسلوب المفاوضة سيستمر معك في المراحل اللاحقة كمعيار مراقبة صحة النسب الممنوحة والمتبقية في الشركة.

stages_and_valuation_neg

شكل 1: أسلوب المفاوضة

المفاوضة

لعدم إمكانية تقييم الشركة، يقوم أسلوب المفاوضة على محاولة تسويق نسبة معينة من الشركة وطرحها للإستثمار. هذه النسبة يتم تحديدها بناءاً على دراسة لإحتياجات الشركة المستقبلية للتمويل، لضمان الإبقاء على حصص مجزية للمؤسسين تحفزهم على البقاء في الشركة والمساهمة في بنائها وتحقيق أهدافها. سبق لنا التحدث عن هذا الموضوع (فهم المستثمر) والجدول التالي يوضح ملخص متابعة الجولات الإستثمارية وتأثير إنخفاض القيمة على المؤسسين والشركاء:

rounds_and_dilution_investors

جدول 1: متابعة الجولات الإستثمارية وتأثير إنخفاض القيمة على المؤسسين والشركاء

كمعدل، لا يتوجب أن تتجاوز النسبة الممنوحة للمستثمرين الغير متفرغين في المشروع أكثر من 25% لكل جولة رئيسية. مع مراعاة أنه كلما إنخفضت النسبة الممنوحة في المراحل كلما كان هناك مساحة لتدارك الأخطاء (لو وقعت)، أو تجاوز عقبات غير متوقعة، دون أن يكون ذلك على حساب حصة المؤسسين وقت التخارج. بمعنى لو تم منح 25% في مرحلة قبل البذرة، واكتشف الفريق أن المنتج يحتاج إعادة بناء، فإنهم لن ينتقلون للمرحلة التالية وبالتالي أي جولة جديدة، ستقلل من قدرة الشركة للوصول إلى مراحل أبعد، أو ربما منعت الشركة من عمل جولة أخيرة تضاعف قيمة الشركة. تذكر أن 25% من شركة في مرحلة قبل البذرة ستعطيك 200,000 ريال، ونفس ال 25% في الجولة ج ستعطيك 20,000,000 ريال.

بطبيعة الحال خطتك وتفاصيلها خاصة بك، وليست للعرض على المستثمرين. ستحتاج لتحديد احتياجك المالي والأهداف والإلتزامات المطلوب إنجازها لبلوغ المرحلة التالية. ثم تقرر بناءاً على مفاوضتك وتحدثك مع المستثمر هل ستقبل بكامل المبلغ منه لحظتها، أو ستقوم بإنجاز بعض الأهداف لرفع قيمة الشركة قبل إدخاله. ستجد أن هناك أمور بسيطة وقد تكون غير مكلفة تعد من الإلتزامات الأساسية الواجب تحققها قبل الإنتقال للمرحلة التالية، كتسجيل الشركة، ترتيب سجلات المصاريف، عقود الموظفين، الخطط المالية، خطة تطوير المنتج. أيضاً، يمكنك رفع قيمة الفكرة بإنجازها وتطويرها وهذا ما سنتحدث عنه في الفقرة التالية.

تقييم الفكرة ورفع قيمتها


عند التفاوض لبيع شيء تحتاج إبتداءاً معرفة قيمته. المشروع في أبكر مراحلة مجرد فكرة تدور في ذهن شخص ما. وهنا يأتي السؤال كيف يمكن تقييم هذه الفكرة. والجواب لا يمكن تقييم الفكرة المجردة طالما أنها لم تنفذ. الجدول التالي يلخص ذلك بوضع قيمة للفكرة والتنفيذ:

neg_idea_valuation

جدول 2: تقييم المشروع بناءاً على الفكرة*

* القيم هنا تقديرية وتهدف لتوضيح العلاقة بين الفكرة والتنفيذ. 

تحدثنا في مقال سابق عن القيمة التأسيسية للمشاريع، وحاولنا تقدير قيمة الجهد الذي يوضع في تنفيذ الفكرة (المقال). بتعبير آخر، الجدول السابق يحاول تلخيص مدى قدرة الفريق أو الشركة على تحويل الأفكار إلى واقع. الأفكار مستمرة ومتغيرة، أما قدرة الفريق على التنفيذ والتطوير فهذه ثابته وهي ما تعطي قيمة للشركة، أو تضيف قيمة للفكرة. ما يبحث عنه المستثمر في النهاية الشركة التي تستطيع تحويل الريال المستثمر فيها إلى مائة أو ألف أو مليون ريال، وليس تلك التي تتحدث عن أفكار ومستقبل مبهر دون تنفيذ.

المشاريع التقليدية والمشاريع الإبتكارية

هنا نحتاج لملاحظة أننا سنكون أمام نوعين من المشاريع: المشاريع التقليدية المعتمدة على الإستثمار في الأصول والمعدات، والمشاريع الإبتكارية المعتمدة على العقول والأفكار. المشاريع التقليدية ولكون الإستثمار في الأصول فإن مستوى خطورة المشروع بالإمكان قبولة لوجود الأصول التي بإمكان المستثمر وضع يده عليها في حالة فشل التنفيذ وبيعها في أسوء الأحوال. لذلك قد يكتفي المستثمر  بدراسة الشركات العاملة، وتوضيح الثغرات الموجودة في السوق حسب رؤيتك وفريقك، وكيفية قيامكم بسد تلك الثغرات واختراق السوق. لتطمينه وإثبات معرفتك وفريقك بالسوق والمنتج.

أما المشاريع الإبتكارية ففي حالة الفشل فإن المستثمر قد لا يجد ما يمكنه بيعه أو الإستفادة منه لتعويض خسارته بالتالي فإن مستوى الخطورة أعلى ويصعب تحمله. لذلك قد تجد صعوبة في إقناع مستثمر يقبل بالدخول في الفكرة وهي لا تزال في ذهنك أو على الورق. بالتالي يفضل القيام بعمل منتج أولي  (Minimum Viable Product – MVP) قبل العرض على المستثمر. هذا المنتج الأولي، لا يجب أن يكون منتج كامل، بل منتج يحتوي على ابسط الخصائص المساعدة في اختبار الفكرة وقياس تقبل الناس لها. كما أن نسبة المخاطرة عالية عندما كان المشروع فكرة، فإن تحويله إلى منتج أولي يقلل من المخاطرة، استخدام العملاء يقللها أكثر، تحصيل عوائد مقابل الخدمة يقللها أكثر وهكذا.

لاحظ أنه حتى في حالة تمكنك من الوصول إلى مستثمر في مراحل مبكرة (الفكرة مثلاً) فإن مستوى المخاطرة سيرفع من تكلفة الإستثمار عليك. قد تقنع أحد أصدقائك بالدخول معك بقيمة 50,000 ريال ولكنه قد يطلب 30%، بينما لو أصبح لديك عملاء، قد تستطيع الحصول على ضعف المبلغ مقابل 10% من الشركة. لذلك إسأل نفسك، إذا كان يمكنك البدء بالتنفيذ دون المستثمرين فهذا أفضل. وإذا تمكنت من جلب العملاء والبيع دونهم فهذا أيضاً أفضل. فهذه الإنجازات ترفع من قيمة شركتك وتقلل من تكلفة التمويل عليك.

التوقف عن الإضافة للفكرة وإدخال شركاء

لاحظ أننا زعمنا بأنك تستطيع رفع قيمة المشروع وتطويرها ذاتياً. لو كنت مقتدر مالياً، ويمكنك الإستمرار في التطوير ورفع قيمة الشركة إلى مالا نهاية، لماذا تشرك الأخرين معك؟ والجواب سببين: أولاً، توزيع المخاطر فهما كان مشروعك متميز وفكرتك رائعة إلا أن هناك احتمالية لأن لا تسير الأمور كما تتمنى، وبالتالي سيكون من الأفضل لك عدم وضع كل رهاناتك في سلة واحدة. وثانياً، المستثمرين في الغالب لا تقتصر مساهمتهم على المال فقط، بل يضيفون بعداً آخر للنظر للفكرة والشركة ويفتحون لها الأبواب ويساعدونها على تسريع تحقيق أهدافها. لذلك حتى وإن شعرت بأنه بإمكانك الإستمرار دون إدخال مستثمرين، فكر مرة أخرى بما سيضيفه المستثمرين للشركة وادخلهم قبل أن تكبر الشركة عليهم أو تصبح عوائدها غير مغرية لهم (راجع مقال فهم المستثمر).

 

الحصص المؤجلة

في حالة عدم الوصول إلى تقييم مرضي للطرفين يمكنك استخدام الحصص المؤجلة كـ (SAFE – Simple Agreement for Future Equity أو KISS –  Keep It Simple Security) وهي أدوات تمويليه يتم من خلالها تمويل المشروع مقابل حصص مستقبلية مستحقة بقيمة أقل حسب نسبة يتم الإتفاق عليها. مثلاً، تمويل 100,000 ريال مقابل تخفيض بنسبة 20% من قيمة الجولة القادمة. بالتالي في الجولة القادمة وعند دخول مستثمرين وعمل دراسة للشركة وتقييم لها، يحصل الممول على حصص بسعر أقل من سعر الجولة ب 20%. وهذا تبسيط، فهذه العقود تحتوي على اشتراطات وآليات للتنفيذ وبالتالي وعند حاجتك لإستخدامها انصحك بإستشارة متخصص قانوني لحفظ حقوقك وحقوق شركتك.


أساليب التقييم: الأساليب الغير تقليدية

أساليب التقييم: الأساليب الغير تقليدية

نواصل حديثنا عن أساليب التقييم، وفي هذا المقال سنركز على الأساليب الغير تقليدية. هذه الأساليب تعتبر تقييم مجازاً، ففعلياً هي محاولات لوضع آلية لشرح أو تبرير تسعير الشركة في مراحلها المبكرة. يمكن إستخدام هذه الأساليب بعد البدء بإضافة قيمة على الفكرة. بمعنى آخر، بعد أن يبدأ الفريق أو المؤسس بالعمل على المشروع. ولحين وصول المشروع إلى مستوى من النضج الذي يمكن المقيم من تطبيق معايير أكثر دقة لتقدير حجم الشركة. يفضل استخدام أكثر من أسلوب لوضع عدة تقديرات لسعر الشركة، متى ما كان ذلك ممكناً. كما وسبق التنويه فإن هذه الأساليب تعتبر نقطة بداية جيدة للتفاوض بين المستثمر والمؤسسين.

يلاحظ في الشكل التالي، أن استخدام هذه الأساليب يبدأ في مرحلة قبل البذرة ويستمر إلى نهاية مرحلة البذرة. في العادة تكون هذه الأساليب فعّالة في حالة عدم وجود متخصص مالي في عملية الإستثمار، أو عند عدم توفر معلومات يستطيع معها المستثمر بناء دراسة للتقييم. ولذلك فهذه الأساليب هي المفضلة لدى الجهات الداعمة والمانحة، والمستثمر الملائكي.

stages_and_valuation_none_con

شكل 1: الأساليب الغير تقليدية

الطريقة السريعة لرأس المال الجرئ

في هذه الطريقة يتم الوصول للتقييم من خلال الإجابة على سؤالين:

  1. كم المبلغ الذي تحتاجه لل 12 إلى 18 شهر القادمة؟
  2. كم النسبة التي يرغب المستثمر بالحصول عليها؟

بتطبيق المعادلات سبق لنا الإشارة لها في مقال القواعد العامة لتقييم الشركات الناشئة، يمكنك الوصول إلى تقييم الشركة قبل وبعد الإستثمار.

لمعرفة التقييم بعد المال استخدم المعادلة التالية:

Valuation_formula3

معادلة1: تحديد قيمة الشركة بمعلومية مبلغ الإستثمار والنسبة الممنوحة

وللوصول للتقييم قبل المال، استخدم هذه المعادلة:

valuation_formula4.jpg

معادلة 2: احتساب تقييم الشركة قبل المال

إذا رغبت بإستخدام هذا الأسلوب انصحك بقراءة مقال فهم المستثمر، للتأكد من أنك لا تعطيه أكثر مما يجب، وأنك لن تواجه إشكاليات متعلقه بنسبة حصص المؤسسين للمستثمرين في المستقبل.

أسلوب بيركس

ديفيد بيركس هو كاتب ومستثمر ملائكي وضع آلية لتبسيط التقييم. يفترض فيها أن المشروع لو كان من المتوقع تخارجه بمبلغ 25 مليون بعد خمس سنوات. وأنه لا يزال في مرحلة قبل البذرة فإن العائد على الإستثمار المتوقع بنظر المستثمر هو 10 أضعاف الإستثمار. أي أن الشركة قيمتها اليوم 2.5 مليون (25 مليون ÷ 10). ولتسهيل توزيع قيمة الشركة اليوم، فإنه وضع خمسة عناصر تشكل القيمة الجوهرية للشركة، والتي من خلالها تزداد فرص نجاح الشركة ووصولها للتقيم المفترض خلال الخمس سنوات.

العناصر الخمس حسب اسلوب بيركس هي:

  • الفكرة الجيدة (القيمة الأساسية)؛
  • منتج أولي (تقليل مخاطر التقنية)؛
  • فريق ممتاز ومكتمل (تقليل مخاطر التنفيذ)؛
  • علاقات استراتيجية (تقليل مخاطر السوق)؛
  • البدء بالإنتاج أو البيع (تقليل مخاطر الإنتاج).

في نموذج بيركس الأصلي، تم تخصيص وزن متساوي للبنود الخمسة. أي أن كلاً منها يمثل 20% من قيمة الشركة. المقيم يقوم بدراسة مستوى التنفيذ ويمنح كل بند تقدير لنسبة الإنجاز أو جودته. الجدول التالي يلخص مثال لتقييم شركة حسب هذا الأسلوب.

valuation_none_con_1
جدول 1: مثال توضيحي لأسلوب بيركس

 

لاحظ أن الجدول مقسوم إلى جزئين، الأول يحتوي على المعايير المحددة للتقييم، والآخر والذي يحتوي على الأرقام باللون الأزرق، يحتوي على النتيجة التقديرية التي وضعها المقيم.

بالإمكان التعديل على النموذج السابق سواء بتعديل السقف (2.5 مليون)، إذا وجد المقيم أن قيمة التخارج يتوقع أن تكون أعلى أو أقل من ال 25 مليون التي وضعت في افتراض بيركس. أيضاً بالإمكان التعديل على توزيع الحصص المخصصة لكل بند من بنود التقييم. فبعض المشاريع مثلاً، يكون الفريق المكتمل هو العنصر الأساسي في نجاحها، أو وجود المنتج الأولي. فيعطى أحد هذين العنصرين نسبة أعلى من 20% ويوزع الباقي بالتساوي أو حسب ما يراه المقييم. تذكر أن توحيد التوزيع يساعد على استقرار المعيار، فلا تحاول التعديل في الأوزان دون أن يكون لديك مبرر واضح ومقنع للتعديل.

 

الشركات الشبيهة

في هذا الأسلوب تستخدم صفقه أو تقييم شركة شبيهة للوصول للقيمة التقديرية للشركة الواقعة تحت الدراسة. تطبيق هذا الأسلوب يتم على ثلاث مراحل: أولاً، تحديد خصائص الشركة الواقعة تحت الدراسة، ثم قياس مدى التوافق والإختلاف مع الشركة المقارن بها، تعديل التقييم بما يتناسب مع الفروقات. طبعاً يفضل إيجاد أكثر من شركة للمقارنة.

valuation_none_con_2

جدول2: مثال توضيحي لأسلوب مقارنة السوق

لاحظ أن المحصلة النهائية كانت -40% وعدد الطلبات هو الثلث. بالتالي فإن التقييم يصبح 1.2 مليون (تقييم الشركة المقارن بها * (1 – إجمالي نسبة التعديل) * نسبة الطلبات) = (6,000,000 * 60% * 1/3).

ولأن في معظم الحالات إذا كانت الشركات متقاربة في القطاع والسوق ونوعية المستخدمين، فإن باقي العناصر قد لا يصعب إنجازها مع الوقت وتوفر النقد. بالتالي يتم التركيز على العنصر الأساسي والذي يمثل المؤشر الأساسي لأداء الشركة. في مثالنا السابق، عدد الطلبات. وقد يكون في حالات أخرى عدد الزوار، حجم المبيعات، الأرباح. واستخدامه لتعديل تقييم الشركة المقارن بها. أي في مثالنا السابق، (تقييم الشركة * نسبة الطلبات) = (6,000,000 * 1/3) = 2 مليون.

في الحالة الأخيرة كن على حذر من تطبيق النسبة بشكل عشوائي دون تحليل والتأكد من تطابق الشركتين، وأنك استخدمت المؤشر الصحيح للمقارنة. في بعض المشاريع، مثلاً الشبكات الإجتماعية ليس المهم عدد الزوار فقط، بل الأهم هو المعدل الأسبوعي للمستخدمين الفعاليين.


أساليب التقييم: التقييم العكسي

أساليب التقييم: التقييم العكسي

في المقالين السابقين لاحظنا كيف أن عملية تقييم المشروع تتعقد وتزداد منطقية كلما نضج وتطور المشروع. بدأنا من المفاوضة عندما كان المشروع فكرة، وبعد أن بدأت الفكرة بالتبلور إلى منتج أولي، انتقلنا للأساليب التقليدية. وفيها ناقشنا الأسلوب السريع لرأس المال الجرئ، والذي يمكننا تشبيه بعملية أتمتة للمفاوضة. ثم أسلوب بيركس والذي يفترض أن المشروع والمنتج النهائي بدأ بالتشكل. ثم أخيراً مقارنة الشركات الشبيهة، والذي يعتمد على مقارنة شركتك بشركة ناضجة وكبيرة، مرت بجولة استثمارية على الأقل.

في هذا المقال سنكمل الحديث وسنختم أساليب التقييم بأسلوب التقييم العكسي، والذي يعد أنضج الأساليب قبل الأساليب التقليدية. يتضح في الشكل أدناه، أن التقييم العكسي يفضل استخدامه طالما أن المشروع وصل مرحلة من النضوج في مرحلة البذرة وحتى المراحل المتقدمة (المرحلة أ و ب و ج). استخدام الأسلوب العكسي يعني بأن المشروع أصبح ناضجاً لدرجة تمكن المحلل المالي من استنباط قيمة الشركة من بياناتها المالية، ولكن المشروع لم يصل لمرحلة الاستقرار التي تبرر استخدام الأساليب التقليدية. ولاحظ الفرق الجوهري بين التقييم العكسي والأساليب الغير تقليدية، ففي الأساليب التقليدية يتم تقييم الشركة وفقاً لوضع السوق والشركات المشابهة، أما التقييم العكسي فأنت تحلل وضع الشركة ذاتها.

شكل 1: التقييم العكسي

متى يستخدم التقييم العكسي؟

لنجيب على هذا السؤال نحتاج أن نستذكر الفرق الجوهري بين الشركات الإبتكارية والشركات التقليدية. ولتبسيط الفكرة لنستخدم الشكل التالي، والذي يوضح مراحل بناء مشروع ولنطبقه على شركة ابتكارية وشركة تقليدية. ولنركز على المرحل السبع في الشكل: فكرة، دراسة منتج أولي، منتج نهائي، تطوير، توسع، ونضوج.

شكل 2: مراحل بناء المشروع

في حالة الشركة التقليدية ولوجود تجارب لمشاريع سابقة مشابهة، فإن المحلل يستطيع استقراء نتائج كل مرحلة من المراحل. في المرحلة الأولى مثلاً، ممكن أن تتطور الفكرة إلى 5 أفكار، ثم ومع إجراء الدراسة فإن المؤسس سيختار أحدها. إلى هنا تتوقف مشاكل التطوير الأولي، فالخطوات التالية، وخصوصاً أن تفاصيلها مكتوبة في الدراسة، تمكن المحلل أو المستثمر من مقارنة هذا المشروع بنظائره. وبالتالي يسهل تحديد المخاطر المتعلقة بالتنفيذ. الأمر الذي يجعل الخطوات التالية تتحرك بشكل خطي، فكل خطوة تالية لها مهام بإنجازها تنتقل للتي بعدها. لذلك المستثمر يستطيع الإعتماد على الأساليب التقليدية لإرتفاع نسبة إمكانية وصول المشروع لمرحلة النضوج.

أما في حالة الشركة الابتكارية فإن كل خطوة يصعب توقع نتائجها، وإذا ما أضفنا إلى هذه المعادلة أن نتائج كل مرحلة ستؤثر على المرحلة التالية بشكل جوهري. بل ربما تأخذ المشروع في اتجاه جديد كلياً، أصبحت عملية التقييم التقليدي غير منطقية بل لا معنى لها. بالتالي ولو عدنا للشكل 2، فإن المؤسس في مرحلة الفكرة قد لا يعلم بأن منتجه النهائي سيكون على شكل ترس. ومع دخوله لمرحلة الدراسة، لم يعلم أنها ستحد خياراته لاحقاً بترس أزرق أو رمادي. ولتعقيد الأمور قليلاً، ربما أنه لو أستقر على الترس الأزرق، وطرحه في السوق قد تبين له تجارب العملاء أنهم يفضلون ترساً بلون آخر، مما قد يعيده لمرحلة الدراسة. ولو عاد لتلك المرحلة مره أخرى قد ينتج لديه منتج آخر لا يمت للتروس بصلة، وهكذا. ولكن، كلما تقدم المشروع وتمكن المؤسس من تجربة المنتج واختباره كلما بدأت تتضح معالم التوسع المتوقع، والمصنع الواقع في نهاية الشكل، الأمر الذي قد يجعل استخدام الأساليب التقليدية منطقياً لحد ما.

لذلك وإجابة على سؤال الفقرة، التقييم العكسي يستخدم عندما يكون لدينا تصور عن وضع أو قيمة الشركة في فترة مستقبلية. ولكن بين تلك الفترة ووقت التقييم مساحة من عدم الوضوح أو الإتجاهات التي قد تحيد بالمشروع عن بلوغ تلك النقطة. التقييم العكسي يتم على مرحلتين: تقدير قيمة الشركة وقت النضوج باستخدام التسعير أو أحد الأساليب التقليدية (تحدثنا عنها في مقال: تقييم الشركات الناشئة: مدخل)، تخفيض القيمة لقيمة وقت التقييم بإستخدام العائد المتوقع للمستثمرين والذي تحدثنا عنه سابقاً في مقال (فهم المستثمر) – شكل 3.

شكل 3: العوائد المطلوبة للمستثمرين

مثال: جهاز تقني

محمد، فهد وأحمد زملاء في مركز أبحاث في جامعة، تمكنوا من بناء نموذج نهائي لجهاز تقني فريد من نوعه وحصلوا على براءة اختراع له. بعد أن قاموا بتجربة الإنتاج المنتج على شريحة جيدة من العملاء، ويرغبون بجمع مال لتغطية تكاليف الانتاج والتسويق على مستوى أكبر. أعدوا دراسة مالية قدرت قيمة الشركة عند نضوجها ب 35 مليون ريال. تفاصيل الجولة الحالية:

  • تصنيف الجولة: ب.
  • المبلغ المطلوب: 4 مليون ريال، والذي يفترض أن يغطي الشركة لحين بلوغها مرحلة النضوج.
  • الفترة اللازمة لبلوغ مرحلة النضوج: ثلاث سنوات.

كم تبلغ قيمة الشركة قبل الجولة؟

  • بناءاً على الشكل 3، فإن المستثمر في المرحلة ب والذي يتوقع أن يبقى على استثماره في الشركة لمدة ثلاث سنوات هي 2.7 ضعف أصل الاستثمار. أي أنه يتوقع أن يكون قيمة حصته وقت بلوغ الشركة مرحلة النضوج (4 مليون ريال × 2.7 = 10.8 مليون).
  • وقتها ستكون ال 10.8 مليون تعادل 31% تقريباً (قيمة الحصة ÷ قيمة الشركة = 10.8 ÷ 35).
  • أي أن قيمة الشركة اليوم بعد الاستثمار تساوي 12.9 مليون ريال (قيمة الاستثمار ÷ حصة المستثمر = 4 ÷ 31%).
  • وبالتالي قيمة الشركة قبل الجولة 8.9 مليون ريال (قيمة الشركة بعد الاستثمار – قيمة الاستثمار = 12.9 – 4).

وبهذا نكون أنهينا سلسلة أساليب التقييم، أتمنى أن تكون قد وفقت بشرحها.

دمتم بخير!

0 تعليقات